plusresetminus
تاريخ النشرThursday 6 February 2025 - 20:17
رقم : 44307

"القصف بضغطة زر".. تكنولوجيا غوغل ومايكروسوفت في خدمة الإبادة

لم تكد تمر بضعة أيام على سريان وقف إطلاق النار في غزة، حتى ظهرت تقارير ووثائق مسرّبة جديدة تؤكد تورط جهات جديدة بشكل مباشر في حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، هذه المرة كانت الفضيحة من نصيب شركتي مايكروسوفت وغوغل.
"القصف بضغطة زر".. تكنولوجيا غوغل ومايكروسوفت في خدمة الإبادة
إيصال نيوز/ ففي 21 يناير/كانون الثاني الماضي، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا يوثق تزويد شركة غوغل للجيش الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها الشركة، وذلك منذ بداية الحرب على غزة.

وبعد يومين فقط، أكد تحقيق صحفي جديد نشرته صحيفة "الغارديان"، استنادا إلى وثائق سرّية مسرّبة، تصاعد اعتماد الجيش الإسرائيلي على تقنيات شركة مايكروسوفت السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي خلال أشد مراحل قصفه على القطاع.

في سياق حرب إبادة استخدمت فيها إسرائيل أنظمة تقنية متطورة، مثل نماذج الذكاء الاصطناعي "غوسبل" و"لافندر" لتحديد أهداف القصف.

تُبرز تلك الوثائق الجديدة كيف ساهمت شركات التقنية الأميركية الكبرى في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ ظل هذا الدور دون توثيق ملموس ودون أدلة واضحة وقوية إبان الحرب، خاصة مع نفي تلك الشركات أيَّ مساهمة لها في العمليات العسكرية، رغم ظهور بعض المؤشرات والتصريحات من قيادات الجيش الإسرائيلي التي أشارت إلى هذا الدور.لذا، فهذه هي المرة الأولى التي تؤكد التقارير والملفات الداخلية هذا التعاون المباشر بين شركات التقنية الكبرى والجيش الإسرائيلي في حرب الإبادة على قطاع غزة.

شراكة جديدة مع غوغل

في مايو/أيار 2024، وقّع قرابة 200 موظف داخل مختبر "ديب مايند"، وهو قسم الذكاء الاصطناعي التابع لشركة غوغل، على خطاب يطالب الشركة العملاقة بإلغاء عقودها مع المؤسسات العسكرية بشكل عام، وفقًا لنسخة من الخطاب اطّلعت عليها مجلة "تايم" ونشرت عنها تقريرا في أغسطس/آب 2024.

انتشر هذا الخطاب وسط تصاعد المخاوف داخل قسم الذكاء الاصطناعي من بيع تقنياته إلى الجيوش المتورطة في الحروب عالميا، الأمر الذي وصفه الموظفون بأنه انتهاك لقواعد الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة غوغل.

ورغم أن الموظفين في خطابهم أكدوا أن رسالتهم لا تتعلق بأي صراع ناشب في أي مكان بالعالم وقت إرساله، في محاولة للنأي عن استهدافهم من قبل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، جاء الخطاب ليكون علامة جديدة وواضحة على تصاعد حدة الخلاف داخل شركة غوغل، على الأقل بين بعض موظفي قسم الذكاء الاصطناعي، الذين تعهدوا بعدم المشاركة في تطوير التقنيات العسكرية، وبين قسم الأعمال السحابية الذي يبيع خدمات غوغل السحابية، ومنها تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يطورها مختبر "ديب مايند"؛ للعديد من الحكومات والجيوش ومنها الجيش الإسرائيلي، وخاصة التعاون الذي نشأ من مشروع "نيمبوس".

التناقض الحالي يسلط الضوء على شروط استحواذ غوغل على شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية "ديب مايند" عام 2014، إذ تضمنت الصفقة تعهدًا بعدم استخدام تقنياتها لأغراض عسكرية أو أمنية.

هذا التعهد أكده مؤسس شركة "ديب مايند"، ديميس هاسابيس، في لقاء صحفي عام 2015. اليوم، يشرف هاسابيس على مختلف عمليات تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي تحت العلامة التجارية "غوغل ديب مايند" (Google DeepMind)، التي تشمل تطبيقات متطورة في معالجة الصور والفيديو والصوت بالإضافة إلى المساعد الذكي "جيميناي".

تتبنّى غوغل سياسات معلنة تقضي بعدم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في أي تطبيقات قد تُلحق ضررًا بالبشر. كما تتضمن برامج الشركة المتعلقة بحقوق الإنسان مراجعات دقيقة للمنتجات والسياسات لضمان امتثالها للمعايير الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتشجع الشركة موظفيها على الإبلاغ عن أي انتهاكات أو مخاوف تتعلق بنشاطات الشركة

لكن الأمر ليس بهذا النقاء! إذ تُظهر الوثائق الداخلية للشركة، التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست"، أن غوغل قدمت مساعدة فعلية لوزارة الدفاع والجيش الإسرائيلييْن.

فقد أظهرت تلك الوثائق أنه في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" بدأ أحد موظفي قطاع الخدمات السحابية في غوغل تصعيد طلباته بهدف توفير وصول أوسع إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية.

كما أشارت الوثائق إلى سعي الوزارة الإسرائيلية بصورة عاجلة لتوسيع نطاق استخدامها لمنصة "فيرتكس أي آي" (Vertex AI)، التي تتيح للعملاء تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي على بياناتهم الخاصة.

يشير الموقع الرسمي إلى أن هذه المنصة من غوغل أداة شاملة لتطوير وتطبيق حلول تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي، وتوفر المنصة بيئة متكاملة تجمع بين أدوات هندسة وعلوم البيانات وتعلم الآلة، مما يسهل على الفرق العمل معًا بكفاءة وفعالية. وتتيح المنصة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي واستخدامها، مع إمكانية تخصيصها لتلبية احتياجات التطبيقات المختلفة. كما تقدم خياراتٍ متعددة تناسب المستخدمين، سواء احتاجوا إلى حلول بسيطة تعتمد على الأتمتة، أو أدوات متطورة تمنحهم تحكمًا كاملًا في عملية تطوير تلك النماذج.. (لکامل هذه المقال راجع إلی الجزيرة)

وفي عام 2021، توقع رئيس وحدة الاستخبارات الإسرائيلية "8200" أنّ تزايد طلب الجيش الإسرائيلي على خدمات الحوسبة السحابية سيقود إلى شراكات استراتيجية مع شركات مثل مايكروسوفت وأمازون، شبيهة بالشراكات القائمة مع شركات تصنيع الأسلحة الأميركية الكبرى مثل لوكهيد مارتن، وهو ما حدث فعلًا بعدها بعامين، خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، لتتزايد حاجة الجيش إلى خدمات الحوسبة السحابية بنفس حاجته إلى أطنان القنابل والقذائف التي استخدمها في هذه الحرب...

في النهاية، ربما طوّرت إسرائيل -كما تدّعي- أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها لقصف الأبرياء، لكن هذه ليست سوى نصف الحقيقة، ببساطة لأن تلك الأنظمة تحتاج إلى خدمات مايكروسوفت وغوغل السحابية، مما يجعل من كليهما شريكا أصيلًا في جرائم الحرب التي شاهدها العالم، غالبًا عبر أجهزة تعمل بأنظمة تشغيل هاتين الشركتين، أي أنهما في الأساس شركات استهلاكية، يستخدم منتجاتهما مليارات البشر حول العالم كل يوم.

لهذا فإن توثيق وتسجيل التاريخ مهم، خاصة مع ادعاءات تلك الشركات المتواصلة باحترام حقوق الإنسان، وأن التقنيات التي تطورها لا تستهدف سوى الخير والحق والجمال والقيم الإنسانية السامية. لكنْ علينا الآن أن نتساءل عما إذا كانت تعني ادعاءات تلك الشركات شيئًا أكثر من قيمة الذاكرة التخزينية الصغيرة التي تشغلها على مواقعها الرسمية.

انتهی/*
0
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني