اكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بان الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تشتري امنها بل تصنعه.
إيصال نيوز/ وجاء في مقال كتبه عراقجي ونشرته صحيفة "اطلاعات":إن الحفاظ على الاستقلال له ثمن دفعته إيران دائما. منذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية، كانت الضغوط الاقتصادية والعقوبات والتهديدات العسكرية والحروب بالوكالة كلها مصممة لتحويل إيران إلى طرف تابع في النظام الدولي".
لم يكن الخلاف الأخير في البيت الأبيض بين دونالد ترامب، وجي دي فانس، وفولوديمير زيلينسكي مجرد خلاف عادي؛ لقد كشف هذا الحدث عن تصدعات عميقة تتسع داخل النظام الدولي.
هناك الكثير من التكهنات حول هذه الحادثة. هل تم التخطيط لهذا الصراع عمدا؟ أم أن الأمر خرج عن السيطرة؟ فهل كان الهدف إرسال رسائل داخلية وخارجية، أم كان مؤشرا على فشل آليات التنسيق في السياسة الخارجية الأميركية؟ ومن المؤكد أن هذه الحادثة قدمت صورة لعالم فوضوي حيث لم تعد القرارات تُتخذ في فراغ.
منذ سنوات، عملت واشنطن على ترسيخ مكانتها كمركز لصنع القرار في العالم الغربي. ولكن اليوم لم تعد هذه المركزية بلا منازع. ويشكل الخلاف الذي اندلع في قلب البيت الأبيض رمزاً للشكوك الاستراتيجية، وعدم اليقين الدبلوماسي، والخلافات التي لم يتم حلها داخل الكتلة الغربية.
دخلت إدارة ترامب ساحة السياسة العالمية تحت شعار استعادة "السلام السريع". الوعد الذي اعتبره كثيرون متفائلاً أكثر من اللازم أصبح الآن يشكل ضغطاً مضاعفاً على الرئيس الأميركي ونائبه. ويواجه ترامب وفانس تحديا حقيقيا: هل سيتمكنان من الوفاء بالتزاماتهما في ظل وضع تتضمن فيه الحرب مصالح العديد من الجهات الفاعلة؟...
وفي جانب آخر من مقاله، کتب عراقجي: إن الأمن الحقيقي لا يأتي من دعم القوى من خارج المنطقة، بل من القدرة المحلية، والاعتماد على القدرات الوطنية، والاعتماد على الشعب. ولهذا السبب اختارت إيران طريقا مختلفا؛ مسار لا يعتمد فيه مصير البلاد على قرارات الآخرين، وتتشكل السياسات على أساس المصالح الوطنية، وليس في ظل النصائح الأجنبية.إن الحفاظ على الاستقلال له ثمن دفعته إيران دائما. منذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية، كانت الضغوط الاقتصادية، والعقوبات، والتهديدات العسكرية، والحروب بالوكالة كلها مصممة لتحويل إيران إلى طرف تابع في النظام الدولي. ولكن إيران، خلافا لتوقعات أعدائها، بقيت ثابتة وأظهرت أنها لن تستسلم للضغوط ، بل ستواصل مسيرتها نحو التنمية والتقدم بالاعتماد على قدراتها الداخلية.
لقد أصبح هذا الاختيار الواعي مبدأً: إيران لا تشتري أمنها، بل تصنعه. نحن لا نعتمد على الآخرين لدعمنا، بل ندافع عن أنفسنا بالاعتماد على معرفتنا الداخلية وقوتنا وقدراتنا.
لقد أثبت التاريخ أن البلدان التي بنت أمنها على الاعتماد على الآخرين قد وقعت ضحية للأولويات المتغيرة للقوى الداعمة لها في اللحظات الحرجة. ومن الممكن رؤية أمثلة على ذلك في جميع أنحاء العالم؛ حكومات وضعت سياساتها على أمل الحصول على ضمانات أمنية من القوى العظمى، ولكنها في نهاية المطاف تُركت وحدها في اللحظات الحرجة. لكن إيران تعلمت هذا الدرس التاريخي جيدا. الإستقلال ليس مجرد شعار، بل ضرورة حتمية.وقد أدى هذا الرأي إلى عدم ثقة إيران بالوعود الأجنبية وعدم استجابتها للتهديدات من أعدائها في سياستها الخارجية. في حين ربط العديد من الجهات الفاعلة الدولية أمنها بعقد هشة ومؤقتة، اختارت إيران مسارا مختلفا: مسار يقوم على الاعتماد على القوة المحلية، والتقدم المستقل، والمقاومة للضغوط الخارجية.
لا تحتاج إيران إلى أن تستمد شرعيتها من موافقة الآخرين، لأن شرعيتها تنبع من إرادة الأمة والسياسات المستقلة.
لقد اختارت إيران طريقها الخاص منذ سنوات، وهو طريق لا يعتمد على الدعم المشروط من القوى العالمية، ولا الوعود الدبلوماسية الهشة، ولا التهديدات الخارجية، كأساس لاتخاذ القرار. ما هو مهم بالنسبة لإيران هو الحفاظ على استقلالها، وتعزيز قدراتها الداخلية، والمضي على المسار المبني على المصالح الوطنية. وفي عالم تنخرط فيه القوى في نزاعات ومنافسات متقلبة كل يوم، أثبتت إيران، بثباتها في سياساتها، أن الاعتماد على الآخرين ليس خطراً فحسب، بل خطأ استراتيجياً أيضاً.