جنون الذكاء الاصطناعي يستنفر العالم، وذلك مع التطورات الهائلة الحاصلة على كل مستويات هذا القطاع، ليتمّ طرح تساؤلات حول مخاوف لافتة، فهل يُطيح البديل بالأصل، وتنقرض البشرية؟
العالم أمام تحدٍ جديد.. هل خرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة؟
2 Jun 2023 ساعة 6:11
جنون الذكاء الاصطناعي يستنفر العالم، وذلك مع التطورات الهائلة الحاصلة على كل مستويات هذا القطاع، ليتمّ طرح تساؤلات حول مخاوف لافتة، فهل يُطيح البديل بالأصل، وتنقرض البشرية؟
إيصال نيوز/ أصبح أمر الذكاء الاصطناعي أشبه باختراعٍ تحوّل إلى ماردٍ يأكل صانعه، كما أصبح حضور هذا المصطلح يستلزم حضور نقيضه، أي الاستقالة الطبيعية للبشر، فالمُصطنَع يطرح نفسه بديلاً عن الطبيعي.
وتتركز جملة معطياتٍ، تقود إلى التساؤل حول إمكانية أن يُطيح البديل بالأصل، خصوصاً وأنّ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يعلنان مشروع مدوّنة سلوكٍ مشتركةٍ للذكاء الاصطناعي، تكون متاحةً لشركات هذا القطاع على أساس تطبيقٍ طوعي، المطلوب منها مواجهة ما يُعدّه الغرب "مخاطر فرض الصين نهجها" في تنظيم قطاعٍ يشهد فورةً كبيرة.
ويحضر شبح الصين دائماً في الهواجس الأميركية، حيث صرّح وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، من السويد، أنّ الغربيين يشعرون بالحاجة الملحّة إلى التحرّك، وأنّ ذلك يحدث في ظلّ خشية الأميركيين والأوروبيين من أن تفرض الصين معاييرها في هذا المجال، إذا لم يوحّد الغرب صفوفه.
مخاوف من أولوية تهديد الذكاء الاصطناعي للبشرية!
أعربت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميته فريدريكسن، عن مشاعر من الدهشة والرعب امتلكتها، عندما أطلعت نوّاب برلمان بلادها على أنّ الخطاب الذي ألقته أمامهم كُتب الجزء الأوّل منه بالكامل بواسطة أداة الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي".
تتبادر إلى المشهد مفارقة أنّ مَن يهيمن على هذا القطاع، هي شركات الانترنت الأميركية العملاقة، مثل "ميكروسوفت" المساهم الرئيس في شركة "أوبن إي آي"، وهي الشركة المشغّلة لبرنامج "جي بي تي"، إضافة إلى شكرات "ميتا" و"غوغل".
يُذكر أنّ الصين وسّعت مشروعاتٍ تنظيمية، ولا سيّما برنامج كشفٍ أمني على أدوات الذكاء الاصطناعي، بينما لا تمتلك الولايات المتحدة أي مشروع آني مطروح.
والمفارقة الأكبر هي أنّ عدداً من قادة شركات التكنولوجيا اتّفقوا على ما قد يختصر الجنون الحاصل، قائلين إنّ "التخفيف من خطر انقراض البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون أولويةً عالمية إلى جانب المخاطر المجتمعية الأخرى، مثل الأوبئة والحرب النووية".
وتحدّثت في هذا الشأن مديرة الميادين أونلاين، بهيّة حلاوي، مؤكّدةً أنّ جزءاً كبيراً من هذه المخاوف تديرها وتبثّها اليوم الولايات المتّحدة الأميركية، وإلى جانبها جزءٌ كبير من الدول الأوروبية، لأنّها تعلم أنّ الصين متقدمة في هذا الميدان.
وأشارت حلاوي، إلى تصاعد المطالب بتنظيم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مُرجعةً الأمر إلى عاملين أساسيين، العامل الأول هو أنّه إلى جانب الاستحواذ على الذكاء الاصطناعي وعلى هذه التقنيات، هناك سباق على عملية تنظيم القوانين التي تحكم هذا العالم، والعامل الثاني خلف هذا الموضوع هو نوع من مناورة لكسب الوقت، وهو العنصر المهم والأساسي، لدى الغرب والولايات المتّحدة الأميركية.
كما لفتت مديرة الميادين أونلاين، إلى أنّنا أمام علاقة معقّدة جداً بين الحكومات والشركات، وتحديداً في الغرب والولايات المتّحدة، مضيفةً أنّه يوجد هناك تواطؤ شديد شاهدناه حتى داخل الولايات المتّحدة، خصوصاً عندما تقوم هذه الخوارزميات على مبدأ العنصرية وفكر الفوقية.
بدوره، تطرّق محلل الميادين للشؤون الأوروبية والدولية، موسى عاصي، إلى التركيز الأوروبي والأميركي الدائم على الذكاء الاصطناعي المتعلق فقط بالصين، مشيراً إلى المخاوف الغربية بأن تتقدّم الصين في هذا المجال، وروسيا أيضاً، مما يعني احتمال أن تخسر الدول الغربية والأطلسية زمام المبادرة على المستوى العسكري.
ولفت عاصي إلى مناقشات تجري بشكلٍ دائم حول خطر الذكاء الاصطناعي في الأمم المتّحدة، لكنّ المنظمة ما تزال تقارب هذه المسألة من زاوية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، ولا سيّما في تقليل التفاوت الاجتماعي بين العالم، خصوصاً بين الدول الفقيرة والدول الغنية، وتطالب ألّا تكون هذه التقنيات فقط محصورة بيد الدول المصنّعة أو التي تبتدع هذه التقنيات.
وبخصوص مدوّنة السلوك التي يجري الحديث عنها، والتي قد تمّ التوصّل إليها خلال الساعات الماضية بين ضفّتي الأطلسي، أكّد محلل الميادين أنّها مدوّنة طوعية غير ملزِمة، وأنّه ممكن للأطراف التي ستوقّع عليها أن تلتزم ببنودها، كما يمكن لها ألّا تلتزم، مشيراً إلى أنّ ذلك يمثّل الشائبة الأولى بحقّ هذه المدوّنة.
كذلك، تناول محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبود، الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في تصنيع وابتكار هذه التكنولوجيا، لافتاً إلى أنّ واشنطن تخشى أن تغيّر هذه الصناعة من التركيبة الديموغرافية وحتى الوعي الجمعي، ويضيف: "التزوير سمة طاغية في هذه الصناعة".
وذكر عبود أنّ الخبراء والمختصين في هذا المجال في الولايات المتحدة، يطالبون باختبار هذه التكنولوجيات على فترة طويلة، ويضيف أنّه يجب التحقق من أن الخوارزميات الخاصة بها، لا تميّز بين شخص وآخر، وأنّها غير متحيّزة ولا تنحو باتّجاه معيّن وتأخذ موافق مسبقة، كما طالبت جهات حقوقية بتأمين ضد هذا التحيّز حتى في قضايا الأحوال الشخصية.
انتهی/*
رقم: 32646