تشهد أغلبية قارّات العالم، في الآونة الأخيرة، موجات حرائق هائلة، اجتاحت آلاف الهيكتارات من الأحراج والغابات، وأسفرت عن خسائر مادية وبشرية فادحة، الأمر الّذي أثار التساؤلات عن السبب المؤدّي إلى اندلاع تلك الحرائق.
العالم يواجه التغيّر المناخي.. هل فقدنا السيطرة على الأرض؟
المیادین , 11 Aug 2021 ساعة 9:29
تشهد أغلبية قارّات العالم، في الآونة الأخيرة، موجات حرائق هائلة، اجتاحت آلاف الهيكتارات من الأحراج والغابات، وأسفرت عن خسائر مادية وبشرية فادحة، الأمر الّذي أثار التساؤلات عن السبب المؤدّي إلى اندلاع تلك الحرائق.
إيصال نیوز/ شهدت أغلبية قارّات العالم، في الآونة الأخيرة، موجات حرائق هائلة اجتاحت آلاف الهيكتارات من الأحراج والغابات، وأسفرت عن خسائر مادية وبشرية فادحة، لم يتم حصرها حتّى الآن، بفعل تمدّد الحرائق وتجدّدها لفترات زمنية طويلة في عدد من الدّول، مثل تركيا واليونان ولبنان وأميركا ودول جنوب أوروبا، الأمر الّذي أثار التساؤلات بشأن السبب المؤدّي إلى اندلاع تلك الحرائق.
في إثْر ذلك، نشرت منظمة الأمم المتحدة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يوم أمس، تقريراً بعنوان "النشاط البشري يحرّك الاحترار العالمي على نحو لا لبس فيه، وبمعدّل غير مسبوق".
وبحسب التقرير، فإنّ تغيّر المناخ واسع الانتشار وسريع ومكثف، وهناك اتجاهات الآن لا رجعة فيها، على الأقل خلال الإطار الزمني الحالي.
وسلّط التقرير، الذي أعدّه 234 عالماً من 66 دولة، الضوء على أنّ التأثير البشري أدّى إلى تدفئة المناخ بمعدل غير مسبوق، في آخر ألفي عام على الأقل.
كما أشار التقرير إلى أنّه، على سبيل المثال، تجاوزت درجات الحرارة خلال العقد الأخير (2011-2020) تلك التي امتدت قروناً متعددة في الفترة الدافئة منذ نحو 6,500 عام.
ووفقاً للتقرير، فإنّه في المتوسط على مدى الأعوام العشرين المقبلة، من المتوقع أن تصل درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية أو تتجاوزها، بينما يحذر علماء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أنّ الاحترار العالمي بمقدار درجتين مئويتين سيتم تجاوزه خلال القرن الحادي والعشرين.
وعليه، فإنّ زيادة درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة فقط، من شأنها أن تزيد سنوياً في المساحة المحترقة في بعض أنواع الغابات إلى 6 أضعاف على ما هي عليه الآن، بينما يُتوقع أن يتعرّض نحو 170 مليون شخص للجفاف الشديد في هذا القرن إذا وصل ارتفاع درجات الحرارة إلى ثلاث درجات مئوية، وفقاً للخبراء.
يُذكر أنّ أميركا الشمالية شهدت موجة حر، هي الأشد على الإطلاق خلال شهر حزيران/يونيو، وفقاً لبرنامج الاتحاد الأوروبي لمراقبة الأرض، بينما تسببّت موجة من القيظ في غرينلاند، بالتزامن مع حرارة أعلى بـ10 درجات من المعدّلات الموسمية، بذوبان "شديد" للصفيحة الجليدية في المنطقة، وفق ما كشفه علماء جليد.
ووفق مسودة تقييم، وضعتها الأمم المتحدة، فإنّ منطقة المتوسط تُعَدّ "مركز التغيّر المناخي"، إذ تشهد موجات حر غير مسبوقة، وجفافاً وحرائق ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.
وبينما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، في أيار/مايو الماضي، أن درجة حرارة الأرض وصلت عام 2020 إلى معدلات قياسية خلال 3 ملايين عام، "الأمر الذي جعل البشرية أقرب إلى كارثة مناخية"، فإن إحصاءات أظهرت أنّ "عام 2020 كان واحداً من أكثر ثلاثة أعوام مسجِّلة حراً".
وأظهرت أيضاً أنّ "السّنوات الستَّ الماضية، بما فيها عام 2020، كانت الأكثر دفئاً على الإطلاق".
*ماذا يعني ارتفاع درجة حرارة الأرض؟
ارتفاع درجة حرارة الأرض هو زيادة متوسط درجة الحرارة في الغلاف الجوي والمحيطات، وتسبّبه انبعاثات غازات الدفيئة، كما زيادة كمية أكسيد الكربون، بالإضافة إلى غيرها من الغازات في المناخ، بفعل النشاطات البشرية المتعددة، مثل مخلّفات الوقود والزراعة والصناعة.
ولا يتسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض بزيادة الحرائق في العالم فحسب، وإنما يتسبب أيضاً بذوبان أكبر للجليد، وارتفاع مستويات سطح البحر، وموجات حر إضافية، وطقس متطرف، فضلاً عن أنه يطرح تأثيرات سلبية أخطر بشأن الأمن الغذائي، والصحة، والبيئة، والتنمية المستدامة.
ومن الجدير ذكره هنا، أنّ غابات الأمازون البرازيلية المَطيرة والمتضررة من الأنشطة البشرية، كانت منذ عام 2010 مصدراً لانبعاث كمية من الكربون أكبر من تلك التي امتصتها، الأمر الذي شكّل تحولاً كبيراً وغير مسبوق لهذه المنظومة البيئية المهمة بشأن الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وتجدر الإشارة إلى أنّ غابات الأمازون، التي تشكل إحدى "رئات" العالم، تمتص ما بين 25% و30% من الغازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية.
*ما هي الحلول المقترحة؟
سيتطلّب استقرار المناخ حداً كبيراً من الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان إلى مستوى معين، ويتحقق ذلك بالحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتراكمة، وصولاً إلى ما لا يقل عن صافي صفر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إلى جانب تخفيضات قوية في انبعاثات غازات الدفيئة الأخرى.
غير أنّ التخفيضات القوية والسريعة والمستدامة في انبعاثات الميثان ستحدّ أيضاً من تأثير الاحترار، الناتج من انخفاض تلوث الهباء الجوي.
وكان تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لعام 2020، أشار إلى أنّ تركيزات غازات الدفيئة الرئيسية استمرت في الزيادة في عامي 2019 و 2020، بينما تجاوز المتوسط العالمي لتركيزات ثاني أكسيد الكربون بالفعل 410 أجزاء في المليون، في ظل إنذار آخر، مفاده أنه إذا استمر وفق النمط نفسه كما في السنوات السابقة، فقد تصل تركيزات ثاني أكسيد الكربون إلى 414 جزءاً في المليون هذا العام، أو تتجاوز هذه النسبة.
لذلك، وفقاً للعلماء، يتعيّن خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 50% بحلول عام 2030، وأن تنتهي تماماً بحلول عام 2050، لتبقى درجة حرارة الأرض ضمن نطاق 1,5 درجة مئوية.
ويؤكّد العلماء أنّه يتعين على جميع الدول، وخصوصاً "مجموعة العشرين" المتقدمة، الانضمامُ إلى صافي الانبعاثات الصفرية، وتعزيز وعودها بشأن إبطاء الاحتباس الحراري وعكس اتجاهه، عبر مساهمات ذات صدقية وملموسة ومحسّنة ضمن خطوات تفصيلية.
ودعت مسوّدة تم تسريبها من تقرير للأمم المتحدة، إلى "تغيير جذري"، من أجل تجنيب الأجيال المقبلة مواجهةَ وضع أسوأ كثيراً، محذّرةً من أنّ التغير المناخي سيعيد تشكيل الحياة في الأرض في العقود المقبلة، وإن تمّت السيطرة على التلوّث الكربوني المسبِّب للاحترار.
انتهی/*
رقم: 18082